تمر علينا هذه الأيام ذكرى عظيمة وجليلة فى عالمنا الإسلامى وهى ذكرى الإسراء والمعراج وهى على أرجح
الأقوال فى (السابع والعشرين) من شهر رجب من أحد الأعوام قبل الهجرة النبوية وقد رُوى عنه
(صلى الله عليه وسلم) أنه قال:- (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها
لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا) وكانت ليلة الإسراء من أعظم الليالى جعلنا الله بجاه حبيبه
ومصطفاه من المتعرضين لها عسى أن تصيبنا نفحاتها.
وفى مناسبة تلك الليلة نزلت سورة على رسول الله(صلى الله عليه وسلم) فكانت سورة الإسراء وافتتحها المولى
تبارك وتعالى بقوله:-﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ
لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾
والقصة معروفة ومشهورة ونجد كتب السادة الأعلام مليئة بأحداثها، ولكن لم يسلم الأمر فأدخل أبليس اللعين فى
(بعض العقول المريضة) ببعض المفاهيم محاولة منه للإنقاص،
من قدر الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وسلم) أعاذنا الله منه ومن أفعالهم ومن اتباع أهوائهم، فزعم البعض
أن إسراء النبى(صلى الله عليه وسلم) كان بالروح فقط دون الجسد، ولكنهم لو قرأوا الآية المذكورة وفهموا
معنى كلمة ﴿بِعَبْدِهِ﴾ لعلموا أن هذه الكلمة لا تطلق إلا على الروح والجسد معاً فيقول المولى تبارك وتعالى
﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ ولم يقل "بروح عبده".
وقد قال فى هذا الشأن الكثير من أعلام هذه الأمة فى تصنيفاتهم منها:- سبل الهدى والرشاد للصالحى، البداية
والنهاية لابن كثير، الشفا بتعريف حقوق المصطفى(صلى الله عليه وسلم)، للقاضى عياض، شرح المواهب
اللدنية للزرقانى، دلائل النبوة لأبى نعيم.
وقال سيدى الإمام فخر الدين فى هذه المناسبة قصيدة نذكر منها:-
فِى كُلِّ حِينٍ لَنَا فِى الْمُصْطَفَى أَمَلٌ حَتَّى إِذَا حَانَتِ الإِسْـرَا يُسَرِّينَا
وَكَفُّهُ مِنْ عَطَــــاءِ اللهِ يَمْنَحُنَا وَمِـنْ تَدَانِيهِ يُطْعِمُـنَا وَيَسْقِينَا.
لَمَّا دَنَا الْعَرْشُ وَالْكُرْسِىُّ جِىءَ بِهِ فِى أَوَّلِ اللَّيْلِ وَازْدَانَتْ مَرَاقِينَ.ا
حَلَّتْ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْحَىِّ فَرْحَتُهُ كُلٌّ تَخَلَّى فَلا مَعَنَا وَلا فِيــنَا.