ماذا تفعلين إذا اكتشفت أن زوجك نرجسي انانى ويعلن صراحة: أنا بحب نفسي.. يقف اما المرآة اكثر منك
ويكرر كلمة أنا في حديثه بمعدل مائة مرة في الدقيقة الواحدة ولا يسمح لك بانتقاد أفعاله، يمشى مثل الطاووس،
ماذا يكون الحل.. هل طلب الطلاق؟ اليأس والقنوط؟ أم تذهبين لطبيب نفسي للسؤال عن صحة الزوج عاشق
المرأة وعاشق ذاته؟
كيف تستقيم الحياة مع هذا المريض بحب نفسه؟
ـ الإجابة يقدمها الدكتور يحيى الرخاوى ـ أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ـ حول الحياة في الأسرة وأهمية
تلك الأسرة بالنسبة للشخص النرجسي الانانى والعوامل التي تؤثر في تكوين شخصيته داخل مجتمعه الصغير،
فيؤكد أن: الأسرة تنفرد دون غيرها من الوحدات الاجتماعية بتفاعل عائلي بين أفرادها، ويقوم هذا التفاعل ـ في
شكله النموذجي ـ على الود والإخاء، ويساعد على ذلك عنصر الاستمرار والدوام وهو الأمر الذي لا يتاح لغير
الأسرة من المؤسسات الاجتماعية المختلفة.
ويرجع د. يحيى الرخاوى صفات الشخص النرجسي أو الانانى إلى الأهل حيث يؤدى إفراط الأبوين في التسامح
والتساهل لإعاقة النضج الانفعالي فينمو الشاب تحكمه الرغبة في الامتلاك لما حوله، والاستحواذ على اهتمام
وحب الناس بأي شكل مهما كانت الوسائل.
وكذلك من أهم الأسباب التي تؤدى لتحكم الأنا في الأشخاص عن غيرهم يقول د. يحيى الرخاوي: البيت
المفكك وكثرة المشاجرات تؤدى إلى الإحباط للأبناء مما يجعلهم لا يرون إلا أنفسهم فقط.
وعن كيفية علاج أو تدارك ذلك المرض:- يرى علماء النفس وعلى رأسهم الدكتور احمد الجعلى أستاذ
واستشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة.. إن النشأة في أسرة حظيت بعدد من الاخوة والأخوات، يشاركون في
الخبرات إبان مرحلة الطفولة لبعضهم البعض وإتاحة الفرص الطبيعية للعيش معاً، والتجاوب العائلي كل ذلك
من شأنه أن ينتقل بك من طفولة غنية بالخبرات الايجابية النافعة إلى شباب ناضج.
الزوجة الواقعية
-----------
وقد يندهش البعض إذ يقول د. احمد الجعلي:- إن النرجسية تصبح شيئا طبيعيا ولازما أحيانا إذا كانت تهدف
إلى الرقى الانسانى والتميز الابداعى لصالح المجتمع.. بمعنى أن يكون هناك إصرار على إعلاء الشخصية
الذاتية في فعل صفة جيدة وهى الخير وتسمى بذلك النرجسية الخيرة وهذا مسار طبيعي للفطرة البشرية.
ـ وعن كيفية ترويض الزوجة الواقعية زوجها:- النرجسي يقول د. يحيى الرخاوى ـ عن طريق القلب و الحب..
فجميعنا رأى فيضا من الكلام في القلب وشكله ووظيفته وأجزائه.. وهذا لا يعنينا شيئا فيما نريد، فللأعضاء
وظائف روحية غير الوظائف المادية، فالقلب هو مركز العواطف المختلفة ويوحدها.. والغذاء الصالح الروحي
للقلب هو الحب و به تستطيع أن تروض الزوجة زوجها النرجسي المحب لنفسه بشدة، والحب الذي نقصده هو
الحب بأوسع معانيه، حب الجمال الخلقي، والجمال الطبيعي والجمال الغني، وحب المعاني من نبل وسمو،
وأخوة، وإنسانية، وشأنه في ذلك شأن الطفل يغذى الغذاء الصالح لجسمه فينمو ويحيا.
ويؤكد د. الرخاوى أن المتزوجات من رجال أنانيين عليهن أن يتعاملن معهن برفق وحب دائم.. ليعرفن ما
خلف الستار.. فدائما قلب الرجل الانانى ينادى ارغب أريد ولكن القلوب تختلف قيمتها الروحية بحسب رغباتها،
فقلب كقلب الطفل يرغب أن تكون كل الدنيا له، علاقته بها علاقة المالك بما ملك، وقد يكبر الرجل جسما وتكبر
مادة قلبه، ولكن لا تكبر روحانية هذا القلب فيكون أنانيا، يريد أن يسخر كل شئ لنفسه أو يستبد بكل شئ
لشخصه أو يوجه كل شئ لفائدته!
ولكن إذا كبرت روحانية القلب تعددت خيوط علاقاته وعرف ما تستوجبه كل علاقة، علاقته بالأصدقاء
وبالبؤساء.. وبالأمة وبالإنسانية.. وهذا هو دور المرأة في ترويض زوجها النرجسي الانانى عليها بترويض قلبه
على الحب وملئه بــ نحن وبأننا، بكل الضمائر المختلفة.
وعليها أن تلغى الضمير أنا من داخله.. ومن هنا يصبح إنسانا ذا قلب، فالإنسان هو القلب، والقلب هو الإنسان.
ومن هنا ينهى د. الرخاوى تحليله النفسي للشخص النرجسي بقوله: من منا ليس نرجسيا ولكن من منا يعرف
حدود نفسه النرجسية.. فلو عرفناها لعرفنا موطن الداء والدواء ولن يقف الرجل الانانى أمام المرآة ثانية..
وسيتبدل حبه لنفسه بحب الآخرين وذلك بترك الأنا وتفضيل الـ نحن .