حياتى كلها لله
عدد المساهمات : 647 تاريخ التسجيل : 08/12/2013 العمر : 48 الموقع : مصر
| موضوع: انت الآمبراطور . الخميس يوليو 24, 2014 4:04 am | |
|
لا تصدقني إذا قلت لك إنك تعيش حياة أكثر بذخا من حياة كسرى أنو شروان..
وإنك أكثر ترفا من امبراطور فارس. و قيصر الرومان. و فرعون مصر..
و لكنها الحقيقة
إن أقصى ما استطاع فرعون مصر أن يقتنيه من وسائل النقل
كان عربة كارو يجرها حصان..
و أنت عندك عربة خاصة، و تستطيع أن تركب قطارا، و تحجز مقعدا في طائرة!
و إمبراطور فارس كان يضيء قصره بالشموع و قناديل الزيت..
و أنت تضيء بيتك بالكهرباء!
و قيصر الرومان كان يشرب من السقا..
و يحمل إليه الماء في القرب
و أنت تشرب مياها مرشحة من حنفيات و يجري إليك الماء في أنابيب!
و هارون الرشيد كانت عنده فرقة موسيقية تعزف له في أوقات لهوه و فراغه
و أنت عندك مفاتيح الراديو توصلك إلى آلاف الفرق الموسيقية، و تحمل
إلى أذنك المبهج و المطرب و الممتع من كل صوت و كل فن!
و الإمبراطور غليوم كان عنده أراجوز..
و أنت عندك تليفزيون يسليك بمليون أراجوز.
و عندك السينما سكوب و السيزاما!
و لويس الرابع عشر كان عنده طباخ يقدم أفخر أصناف المطبخ الفرنسي..
و أنت تحت بيتك مطعم فرنسي، و مطعم صيني، و مطعم ألماني، و مطعم ياباني،
و محل محشي، و محل كشري، و مسمط، و مصنع مخللات و معلبات، و مربات و حلويات!
و قارون أغنى أغنياء العالم يقول لنا التاريخ إن كل ثروته لم تكن تزيد على مائتين
من الجنيهات بالعملة النحاسية.. و هو مبلغ تستطيع أن تكسبه الآن في شهر
و جواري الخليفة تجدهن الآن معروضات في بيجال بباريس بعشرة فرنكات للواحدة..
شقر و سمر و سود و بيض من كل لون أوكازيون و مراوح ريش النعام التي كان يروح
بها العبيد على وجه الخليفة في قيظ الصيف و لهيب آب، عندك الآن مكانها مكيفات
هواء تحول بيتك إلى جنة بلمسة سحرية لزر كهربائي!
أنت إمبراطور
و كل هؤلاء الأباطرة جرابيع و هلافيت بالنسبة لك..
و لكن يبدو أننا أباطرة أغبياء جدا.. و لهذا فنحن تعساء جدا برغم النعم
التي نمرح فيها فمن عنده عربة لا يستمتع بها، و إنما ينظر في حسد لمن عنده عربتان..
و من عنده عربتان يبكي على حاله، لأن جاره يمتلك طائرة..
و من عنده طائرة يكاد يموت من الحقد و الغيرة لأن أوناسيس عنده مطار..
و من عنده زوجة جميلة يتركها و ينظر إلى زوجة جاره..
و في النهاية يسرق بعضنا بعضا، و يقتل بعضنا بعضا حقدا و حسدا
ثم نلقي بقنبلة ذرية على كل هذا الرخاء.. و نشعل النابالم
في بيوتنا.. ثم نصرخ بأنه لا توجد عدالة اجتماعية.. و يحطم الطلبة الجامعات..
و يحطم العمال المصانع..
و الحقد – و ليس العدالة – هو الدافع الحقيقي وراء كل الحروب
و مهما تحقق الرخاء للأفراد فسوف يقتل بعضهم بعضا، لأن كل واحد
لن ينظر إلى ما في يده، و إنما إلى ما في يد غيره، و لن يتساوى الناس أبدا.
فإذا ارتفع راتبك ضعفين فسوف تنظر إلى من ارتفع أجره ثلاثة أضعاف،
و سوف تثور و تحتج، و تنفق راتبك في شراء مسدسات
لقد أصبحنا أباطرة.. هذا صحيح.. و لكننا مازلنا نفكر بغرائز حيوانات
تقدمنا كمدينة و تأخرنا كحضارة.. ارتقى الإنسان في معيشته..
و تخلف في محبته..
أنت إمبراطور.. هذا صحيح.. و لكنك أتعس إمبراطور..
| |
|