حكي أن هشام بن عبد الملك قدم حاجًا إلى بيت الله الحرام.
فلما دخل الحرم قال: أأتوني برجل من الصحابة.
فقيل: يا أمير المؤمنين قد تفانوا، قال: فمن التابعين.
فأتي (بطاووس اليماني) فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه، ولم يسلم بإمرة المؤمنين ولم يكنه،
وجلس إلى جانبه بغير إذنه، وقال: كيف أنت يا هشام؟
فغضب من ذلك غضبًا شديدًا حتى هم بقتله، فقيل: يا أمير المؤمنين أنت في حرم الله وحرم رسوله
لا يمكن ذلك، فقال له: يا طاووس، ما حملك على ما صنعت؟ قال: وما صنعت؟ فاشتد غضبه وغيظه،
وقال: خلعت نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني، وجلست بإزائي بغير إذني،
وقلت: يا هشام كيف أنت؟ قال: أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة
كل يوم (خمس) مرات ،فلا يعاتبني ولا يغضب علي، وأما ما قلت: لم تسلم علي بإمرة المؤمنين فليس
كل المؤمنين راضين بإمرتك فخفت أن أكون كاذبًا، وأما ما قلت لم تكنني فإن الله سمى أنبياءه.
قال: يا داود يا يحيى يا عيسى،وكنى أعداءه فقال: {
تبت يدا أبي لهب وتب}،
وأما قولك: جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
يقول: إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام. فقال له: عظني
قال: إني سمعت أمير المؤمنين يقول: إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال، تلدغ كل أمير
لا يعدل في رعيته ثم قام وخرج.