كتاب سلوك العارفينالإمام أبو عبد الرحمن السلمي رحمه اللهعن دار الجنيد على الشبكة الدولية
قال الشيخ الإمام العالم أبو عبد الرحمن السّلمي رحمة الله عليه:بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أكرمنا بطاعتكالحمد لله رب العالمين، وصلى على سيدنا محمد وآله أجمعين.
سألتني أسعدك عن سلوك المحققين ومراتب مقاماتهم.
فاعلم: أن أخبر عن الموحدين، الذين وحَّدوه
وشهدوا له بالربوبية بقوله تبارك وتعالى:
شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكةُ وأولوا العلم قائماً بالقسط [آلعمران:18]:
فحقيقة الشهادة بالتوحيد: ما شهد الحق لنفسه بكمال علمه وتمام قدرته بالاستحقاق، ثم وحَّده سائر خلقه.
وإنما شهدوا له رسماً لا حقيقة؛ فكل على مقدار علمه وحاله، وبعده ودنوّه.
وشهد هو لنفسه وهو مشاهد ذاته.
واستشهد من استشهد من خلقه قبل خلقه لهم: تنبيهاً أنه عالم بما يكون.
وشهادة الحق لنفسه بما شهد به: شهادة صدق، أعلَم بذلك: أنه لا يقبل الشهادة
إلا من الصادقين.
وشهادة الملائكة له بذلك: شهادة اضطرار؛ لِما يشهدون من آثار الغيب،
ولِما جبلوا على ذلك.
ثم قال:
وأولوا العلم
أربع طبقات: -اثنان منهم: أهل الظاهر،
وهم: أصحاب الأحاديث والفقهاء.
واثنان: أرباب الباطن، وهم: أهل المعاملات، وأرباب الحقائق.
وأصحاب الحديث: نقلة الأخبار وحافظوه، المشتغلون بحفظه وجمعه، وصحيحه وسقيمه.
والفقهاء: هم العاملون بأحكامه وبيانه وناسخه ومنسوخه ومجمله ومبينه ومفصله.
وأهل المعاملات: هم السالكون مسلك التزهد وتصحيح الأفعال والمجاهدات.
وأرباب الحقائق:- هم المجردون في حقائق التوحيد والمشيرون إلى التفريد
من غير التجرد، والمعبرون عن معاني الأحوال، وهم الذين سُمُّوا:-الصوفية.